توطين صناعة الأنسولين

في كل صباح، يقف آلاف المرضى أمام عيادات الصيدلة في المستشفيات، بعضهم يحمل بطاقة موعد، وآخرون يترقبون وصول شحنة دواء. ومن بين هؤلاء، هناك من ينتظر حقنة الإنسولين، ذاك السائل الحيوي الذي لا غنى عنه، والذي يعتمد عليه مليون ونصف سعودي مصاب بالسكري للبقاء في أمان.

لكن، ماذا لو كان هذا الإنسولين يُصنَع في أرض الوطن؟ ماذا لو أصبحنا مكتفين ذاتيًا، لا نعتمد على الخارج في تأمين هذا الدواء الحساس؟ هذا ما تسعى إليه المملكة اليوم، من خلال توطين صناعة الإنسولين ضمن رؤيتها لبناء اقتصاد معرفي صحي.


لماذا الإنسولين مهم؟

الإنسولين هو هرمون طبيعي يُنتج في البنكرياس، ووظيفته تنظيم مستوى السكر في الدم. في مرضى السكري، يتوقف إنتاج هذا الهرمون أو يقل، ويصبح الاعتماد على الإنسولين الصناعي أمرًا حتميًا، يُحقن يوميًا لضبط مستوى السكر وحماية الجسم من المضاعفات.

العالم بأسره يعرف قيمة هذا الدواء، لأنه مرتبط بحياة أكثر من 400 مليون مريض عالميًا. أما في السعودية، حيث ترتفع نسبة الإصابة بالسكري بسبب نمط الحياة والعوامل الوراثية، فإن توفير الإنسولين ليس خيارًا، بل ضرورة وطنية.


من الاستيراد إلى التصنيع... التحول السعودي

لطالما اعتمدت السعودية على استيراد الإنسولين من كبرى الشركات العالمية. لكن مع رؤية المملكة 2030، تحركت عجلة توطين الصناعات الحيوية، خاصة الأدوية الحساسة. وفي 2022، وقّعت المملكة أول اتفاقية من نوعها لتوطين صناعة الإنسولين بالشراكة مع كبرى الشركات الدوائية، وبدأت التحضيرات لبناء مصانع متخصصة وفقًا لأعلى المعايير العالمية.

الهدف ليس فقط التصنيع، بل نقل المعرفة التقنية، وتدريب الكفاءات الوطنية، وتحقيق الاكتفاء الذاتي في إنتاج الإنسولين، وتوفيره لجميع المرضى بسرعة وأمان.


الفوائد المتوقعة من التوطين

  • ضمان الأمن الدوائي: لا خوف من نقص أو تأخير في التوريد.
  • تقليل التكاليف: خفض الإنفاق السنوي على استيراد الإنسولين.
  • دعم الاقتصاد: توفير وظائف، وتحفيز الاستثمار في قطاع الأدوية.
  • تطوير البحث الطبي: تمهيد الطريق لتطوير أنواع جديدة من الإنسولين.
  • رفع جودة الرعاية الصحية: توفير الإنسولين بأسعار مناسبة وبتوافر دائم.


توطين الإنسولين ليس نهاية الطريق

توطين صناعة الإنسولين هو نقطة انطلاق لتوطين أدوية أخرى حساسة، مثل أدوية السرطان وأدوية الأمراض المزمنة. ومع تطور الصناعات الدوائية الحيوية، تسعى المملكة لتكون مركزًا إقليميًا في إنتاج وتصدير الأدوية، خاصةً في منطقة الخليج والعالم العربي.


الخلاصة

اليوم، لم يعد الحديث عن توطين الإنسولين مجرد طموح، بل هو واقع يتشكل بخطط مدروسة وشراكات استراتيجية. فأن تصنع دواءك بنفسك يعني أنك تحمي شعبك وتبني استقلالك، وتضع حجر الأساس لنهضة صحية واقتصادية تقودك نحو مستقبل لا يعتمد إلا على إمكانياتك.


المراجع:

 

 https://sabq.org/saudia

 

https://www.aleqtsad.org

 

https://www.alarabiya.net

 

https://www.alriyadh.com/2118894