هل فكرت يومًا في سر اختلافك عن غيرك؟ لماذا تملك لون عينين أو طولًا أو ميزة صحية معينة تختلف عن أصدقائك أو حتى إخوتك؟ ولماذا بعض العائلات تظهر فيها أمراض محددة دون غيرها؟ الإجابة كلها تعود إلى الجينات، تلك التعليمات الدقيقة المخزنة في كل خلية من خلايا جسدك، والتي تُحدّد صفاتك، قدراتك، وحتى قابليتك لبعض الأمراض.
ما هي الجينات؟ وأين توجد؟
الجينات هي مقاطع صغيرة من الحمض النووي (DNA)، تحمل كل المعلومات اللازمة لنمو الإنسان ووظائفه وصفاته. توجد الجينات داخل نواة الخلية، مرتبة على سلاسل تُدعى الكروموسومات، وعددها 46 كروموسومًا (23 من الأب و23 من الأم). الجينات مجتمعة تُكوّن ما يسمى بـ الجينوم، وهو الخريطة الوراثية الكاملة للإنسان، والتي تتضمن أكثر من 20 ألف جين تتحكم في كل ما يخص حياتنا البيولوجية.
الجينوم السعودي... خريطة لصحتنا
من هذا المفهوم، جاءت فكرة برنامج الجينوم السعودي، وهو مشروع وطني ضخم أُطلق في 2018 برعاية ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، ليكون أحد أكبر المشروعات البحثية في الشرق الأوسط. هدفه أن نرسم الخريطة الجينية للشعب السعودي، ونفهم الطفرات والمتغيرات الوراثية المنتشرة، مما يساعدنا في تشخيص الأمراض بدقة، والوقاية منها، وتطوير علاج مخصص لكل فرد.
المتغيرات الجينية: ليست كلها أمراض
أثناء دراسة الجينوم، وجد العلماء أن الحمض النووي يختلف قليلًا بين الناس. هذه الاختلافات تُسمى متغيرات جينية، وهي تغيّرات طفيفة في ترتيب حروف الـ DNA. لكن المتغير الجيني لا يعني مرضًا دائمًا، بل يمكن أن يكون مجرد صفة فريدة، مثل لون البشرة أو التحمل البدني أو الاستجابة للأدوية.
حتى الآن، استطاع برنامج الجينوم السعودي أن يفحص ,مايقارب 65,000 عينة من مختلف مناطق المملكة، ووثق أكثر من 7,500 متغير وراثي، منها 3,000 متغير مرتبط بحوالي 1,230 مرضًا وراثيًا نادرًا. هذه البيانات تساعد في تفسير الأمراض الغامضة، وتطوير طرق جديدة للوقاية والعلاج.
من سبقنا في هذا المجال؟
السعودية ليست الأولى في هذا السباق العلمي، بل سبقتها دول مثل:
لكن السعودية الأولى عربيًا في إنشاء مشروع بهذه الضخامة والتقنية، وتعمل على بناء بنك معلومات جيني ضخم يدعم الصحة العامة والبحث العلمي.
ماذا سنجني من الجينوم السعودي؟ فوائده ونتائجه
مستقبل الجينوم... إلى أين؟
الجينوم السعودي هو الخطوة الأولى نحو طب المستقبل. من خلاله، ستتطور خدمات صحية ذكية، وسنتمكن من إنتاج أدوية سعودية تستجيب لاحتياجاتنا الجينية، وسنفتح الأبواب لمجالات جديدة مثل الذكاء الاصطناعي في الطب، والهندسة الوراثية.
الخلاصة
الجينوم السعودي ليس مجرد مشروع بحثي، بل هو نافذة نطل منها على صحتنا ومستقبلنا. هو بداية عصر جديد حيث نعرف أنفسنا على مستوى الجينات، ونستخدم هذه المعرفة لصنع مجتمع أكثر صحة، وأكثر وعيًا، وأكثر قدرة على الوقاية والعلاج. وفي عالم يسبق الزمن علميًا، المملكة تصنع لنفسها مكانة علمية رائدة بفضل هذا المشروع الوطني الفريد.
المراجع:
https://www.vision2030.gov.sa/ar/explore/projects/the-saudi-genome-program