الإستراتيجية الوطنية للتقنية الحيوية

في عالم يتسابق نحو الاكتفاء الذاتي، تتصدر التقنية الحيوية المشهد كأحد أهم أدوات السيادة الصحية والغذائية والاقتصادية. لم تعد الدول الكبرى تستورد دواءها، ولا تنتظر غذاءها من الآخرين، بل تُنتج وتبتكر وتصدر. واليوم، تفتح المملكة العربية السعودية بابًا جديدًا نحو المستقبل بإطلاق الاستراتيجية الوطنية للتقنية الحيوية، لتكون رائدة إقليميًا وعالميًا في هذا القطاع الحيوي.


لماذا التقنية الحيوية الآن؟

التقنية الحيوية ليست علمًا نظريًا، بل هي حياة تُصنع داخل المختبر: دواء يُنتج من خلية، غذاء معدل يقاوم الجفاف، بكتيريا تنظف مياه الصرف، وإنزيم يسرّع التفاعلات الصناعية.

هي تقاطع بين الأحياء والهندسة، يُستخدم في تطوير الأدوية، إنتاج الأغذية، حماية البيئة، وتوليد الطاقة. ومع تزايد الأزمات الصحية والبيئية عالميًا، أصبحت التقنية الحيوية ركيزة لكل دولة تطمح إلى القوة والاستقلال.


ماذا تتضمن الاستراتيجية الوطنية للتقنية الحيوية؟

في يناير 2024، أطلقت السعودية استراتيجية وطنية شاملة للتقنية الحيوية ضمن رؤية 2030، لتكون دافعًا للنمو الاقتصادي، وتحقيق الاكتفاء الحيوي، وخلق وظائف نوعية، وتحويل المملكة إلى مركز عالمي للابتكار في التقنية الحيوية.

تشمل الاستراتيجية أربعة مسارات رئيسية:

  1. الصحة الحيوية
    إنتاج الأدوية، اللقاحات، والإنسولين محليًا.
    تطوير أدوية مبتكرة، وتوطين صناعة العلاج الجيني والخلايا الجذعية.
  2. الغذاء الحيوي
    إنتاج غذاء عالي الجودة باستخدام التقنيات الحيوية الزراعية.
    تحسين إنتاجية المحاصيل، وتطوير أصناف مقاومة للظروف الصعبة.
  3. البيئة الحيوية
    معالجة مياه الصرف، التخلص من النفايات، حماية البيئة بتقنيات حيوية.
    تحقيق الاستدامة وتخفيف أثر التلوث.
  4. الطاقة الحيوية
    إنتاج وقود حيوي من مصادر مستدامة كالنباتات والطحالب.
    دعم الاقتصاد الأخضر وتقليل الاعتماد على النفط.


أهداف الاستراتيجية... ماذا نحقق؟

  • تحقيق الاكتفاء الذاتي في 50% من الأدوية الحيوية بحلول 2030.
  • دعم البحث العلمي والتطوير في التقنية الحيوية.
  • توطين التقنية والمعرفة وتدريب الكوادر الوطنية.
  • بناء صناعات حيوية تصديرية، وجذب استثمارات عالمية.
  • خلق أكثر من 11 ألف وظيفة نوعية في قطاع التقنية الحيوية.


ما الذي يميز السعودية في هذا المجال؟

  • موقع استراتيجي يصل آسيا بأفريقيا وأوروبا.
  • رؤية حكومية واضحة ودعم لا محدود من القيادة.
  • مشاريع قائمة مثل الجينوم السعودي، توطين الإنسولين، وزراعة الأنسجة.
  • بنية تحتية علمية متطورة ومراكز أبحاث حديثة.


مستقبل التقنية الحيوية في السعودية

الاستراتيجية ليست خطوة منفردة، بل خارطة طريق طويلة الأمد. في المستقبل، قد نرى شركات سعودية تنافس عالميًا في إنتاج الأدوية، وقد نصدر غذاء حيوي محسن، ونكون مركزًا للتجارب السريرية، ومقرًا للابتكار في الذكاء الاصطناعي الحيوي.


الخلاصة

السعودية لا تكتفي باستيراد التقنية، بل تسعى لأن تكون صاحبة الريادة. ومن خلال الاستراتيجية الوطنية للتقنية الحيوية، ترسم طريقها نحو اقتصاد قائم على المعرفة، وأمن غذائي وصحي وبيئي مستدام، يقوده علماؤها وشبابها، وبأدواتها الخاصة.


المراجع:


https://www.vision2030.gov.sa