تقنية كريسبر - كاس ٩ CRISPR-Cas9

منذ عقود قليلة فقط، لم يكن يخطر ببال العلماء أن تعديل الشيفرة الوراثية للكائنات الحية قد يصبح أمرًا ممكنًا، ناهيك عن أن يكون بهذه الدقة والبساطة. لكن مع تطور علوم الجينات والهندسة الوراثية، ظهرت أداة غيّرت قواعد اللعبة ألا وهي تقنية كريسبر كاس 9 تمامًا كما غيّرت ثورة الحمض النووي مسار التقنية الحيوية في القرن العشرين، جاء كريسبر في القرن الحادي والعشرين ليمنح العلماء قدرة غير مسبوقة على "التحرير الجيني"، أي تعديل المادة الوراثية بدقة عالية وبتكلفة منخفضة.


على الرغم من أن نظام كريسبر كان معروفًا في الطبيعة منذ عقود كجزء من جهاز المناعة البكتيري، إلا أن اكتشاف علماء مثل إيمانويل شاربنتييه وجنيفر دودنا لكيفية تعديل هذا النظام ليصبح أداة لتعديل الجينات كان بمثابة نقطة تحول علمية. في عام 2012، نجحوا في نشر البحث الذي أثبت إمكانية استخدام كريسبر كأداة لتعديل جينات الكائنات الحية، مما أحدث ثورة في مجال الهندسة الوراثية.


ما هو كريسبر كاس 9؟

كريسبر كاس 9 (CRISPR-Cas9) هو نظام دفاع طبيعي موجود أصلًا في البكتيريا، تستخدمه لمحاربة الفيروسات. لكن العلماء تمكنوا من "تسخير" هذا النظام وتطويره ليصبح أداة فعالة لتعديل الجينات في الكائنات الحية، بما فيها الإنسان.


كيف يعمل كريسبر كاس 9؟

لفهم عمل كريسبر، تخيّل أن الجينوم (DNA) هو كتاب ضخم مكتوب بأربعة أحرف (A, T, C, G). أداة كريسبر تعمل مثل مقص جيني مبرمج، يُوجهه دليل (RNA) إلى "صفحة" معينة من هذا الكتاب لقطع جزء محدد بدقة.

يتكون النظام من عنصرين رئيسيين:

  1. دليل RNA (Guide RNA): وهو سلسلة قصيرة مبرمجة لتتطابق مع الجزء المراد تعديله من DNA.
  2. إنزيم كاس 9 (Cas9): وهو "المقص" الذي يقطع الحمض النووي في المكان المحدد.

بمجرد أن يقطع Cas9 سلسلة DNA، يمكن للعلماء:

  • تعطيل جين معين.
  • إصلاح خلل جيني.
  • أو حتى إدخال تسلسل جديد.


لماذا يُعتبر كريسبر ثورة علمية؟

  • الدقة: يمكن استهداف جين معين دون التأثير على باقي الجينوم.
  • السرعة والبساطة: مقارنةً بالأدوات القديمة، كريسبر أسهل وأسرع.
  • التكلفة المنخفضة: جعله متاحًا للعديد من المختبرات حول العالم.


تطبيقات كريسبر في العالم الحقيقي:

  • الطب: تعديل الجينات المسببة لأمراض وراثية مثل فقر الدم المنجلي.
  • الزراعة: تحسين مقاومة النباتات للآفات والجفاف دون الحاجة إلى مواد كيميائية.
  • البحث العلمي: فهم وظيفة الجينات بدقة من خلال تعديلها أو تعطيلها.


مستقبل كريسبر: آمال وتحديات

رغم الإمكانات الهائلة، ما يزال استخدام كريسبر في الإنسان يثير الكثير من الجدل الأخلاقي. فالتعديل على الأجنة البشرية مثلًا يفتح أسئلة معقدة حول "تحسين البشر" أو "تصميم الأطفال"، وهي مواضيع ما زالت قيد النقاش.

ومع ذلك، فإن العلماء متفائلون بأن الاستخدام المسؤول لهذه التقنية قد يُحدث ثورة في الطب والعلاج الجيني خلال السنوات القادمة.



المراجع:


https://www.sciencedirect.com/science

 

https://biologicalproceduresonline.biomedcentral.com

 

https://www.sciencedirect.com

 

https://www.sciencedirect.com